[مقابلة] تريستان بوب، مخرج شاب حائز على جائزة الإيمي!

صناعة الأفلام المستقلة أصبحت تساوي المليارات بعد أن أصبح الإهتمام بها أكبر من أي وقت مضى، و مع توفر معدات احترافية في متناول الجميع، أصبحنا نرى مخرجين شباب يبدعون و ينتجون أفلاما تحكي قصصا مختلفة من أقطاب العالم المختلفة.
أحد هؤلاء المخرجين الشباب هو Tristan Pope الذي كان لي الشرف في إجراء مقابلة معه للتحدث عن آخر أفلامه و مسيرته التي حاز فيها على عدة جوائز من بينها جائزة الإيمي العالمية. إذن من يكون تريستان بوب؟  و ما الذي يميزه عن غيره من المخرجين الشباب؟
2تريستان بوب مصور فوتوغرافي و مخرج حائز على جائزة الإيمي من مدينة نيويورك الأمريكية.
آخر أفلامه القصيرة ‘Romance in NYC’ و ‘Dancers of New York’ جسدت أعماله على أنه مخرج مُبدع.
عمله مع استديو Blizzard كان له دور في إنجاح فيلم تريستان بعنوان ‘Make Love, Not Warcraft’ الذي حاز فيه على جائزة الإيمي لجهوده في التصوير، مرحلة قبل الإنتاج و إعداده لمجموعة من المشاهد و العروض الدعائية (Trailers) للفيلم.
تريستان أيضا يعمل كمدرب على التمثيل، حيث يساعد الشباب المقبلين على تجارب الأداء (Auditions) أو حتى من أجل تصوير أحد أفلامه.

كيف بدأت مسيرتك كمخرج أفلام قصيرة؟

أعتقد أنني بدأت الإخراج منذ زمن طويل، من خلال أفلام منزلية قصيرة و أخرى مع أصدقائي،
و بشكل عام فقد كانت الكاميرا ترافقني دوما من أجل التقاط و تسجيل أفضل اللحظات.

لقد درست التمثيل في مدرسة خاصة، و كنت أخطط لمتابعة حلمي في أن أصبح ممثلا إلى أن وجدت نفسي مطلوبا بأخذ حصص دراسية في مُقرر خاص بأساليب و تقنيات الإخراج، كنت في سن التاسعة عشر أنذاك و جل ما أتقنه كان مصدره تعليما ذاتيا، لم ترق لي فكرة تعلم أساليب إخراج الأفلام، فهدفي كان أن أصبح ممثلا، لكن لسخرية القدر.. وقعت في حب الإخراج أكثر من التمثيل نفسه!
بعد أخذي لمجموعة من الحصص، تم توكيلي بمهمة إخراج مسرحية موسيقية في الثانوية التي كنت أدرس فيها، غيرت هذه الفرصة مجرى حياتي بعد التخرج، حيث تم استدعائي من طرف شركة Blizzard Entertainment من أجل العمل في أحد أقسام الشركة المتخصص بإخراج مقاطع ترويجية لألعاب الفيديو و الأفلام على حد سواء، شعرت أنني قد لا أنجح في التمثيل كما سأنجح في الإخراج.. و ليس علي حفظ أية أدوار (يقول مازحا) .

ما أكثر شيء يثير حماسك بخصوص صناعة الأفلام؟

أحب أن أحكي قصة للآخرين تماما كما أراها في مخيلتي، الشعور الذي يراودني عند تحقيق تلك الغاية شعور فريد من نوعه حقا!
لكن قبل كل شيء، فالعمل مع مجموعة نيرة من الأشخاص هو أمر مثير للحماسة بحد ذاته، كما الشيء نفسه بالنسبة لمساعدة الممثلين في تنمية مهاراتهم و تجسيد أدوارهم بأفضل طريقة ممكنة من أجل هدف مشترك.

1كيف تحصل على الميزانية المطلوبة لأفلامك، و هل تعتقد أن كيكستارتر وسيلة ناجحة لذلك؟

إدارة حملة على كيكستارتر كان تجربة لا تنسى، لكن بجانب ذلك، إعتمدنا طرقاً أخرى لتمويل الفيلم بشكل كافي، و كمصورين فوتوغرافيين، توجهنا أنا و صديقي آنوب صوب شوارع نيويورك لنعرض على مجموعة عشوائية من الأزواج إلتقاط صور لهم، فاختيارنا لهذه الفئة كان أقرب بشكل كبير لفكرة الفيلم الذي كنا نعمل عليه أنذآك و هو ‘Romance In NYC’ ، و مقابل كل صورة نحصل على بضعة دولارات من أجل الفيلم.
كانت حملة التمويل الجماعية على كيكستارتر ناجحة أيضا، و بالنسبة لي فهي تجربة كان لي الشرف عيشها، فمجرد أن تطلب مالا من الناس من اجل أن تقوم بشيء تحبه و تزعم أنهم سيحبونه أيضا، هو شيء مثير حقا، لكن لم يكن الفيلم فقط هو ما كان على المحك، بل أيضا أسمائنا و سمعتنا كأشخاص محترفين يعملون في مجال تنافسي.
و ما ساهم في نجاح حملتنا هو بناءنا رابطا قويا مع مجتمعات على الإنترنت و حصولنا على رعاة (Sponsors) للفيلم ليس فقط في توفير المعدات التقنية بل حتى للعمل معنا من اجل تبادل الخبرات و الرفع من المستوى الإبداعي في فيلمنا، و قد حققت حملة كيكستارتر كل هذا.

عن ماذا يدور فيلمك الأخير ‘Romance In NYC’ ؟

‘Romance In NYC’ فيلم قصير يعتمد على منظور الشخص الأول POV، و تأخذنا مجريات القصة إلى أماكن مختلفة من مدينة نيويورك حيث نعيش لحظات رومنسية بين الحبيب الذي يقضي يوما اعتياديا مع حبيبته.
و الهدف من تصوير الفيلم كله من منظور الشخص الأول و هو الحبيب، يكمن في تجسيد لحظات يعيشها أغلب الأزواج في علاقاتهم من مختلف بقاع العالم، و في تحقيق توازن بين الرومنسية و ما يحدث في كل يوم.. و لجعل هذا أكثر واقعيا فقد اخترنا تصوير الفيلم كله بكاميرا هاتف iPhone 6.

5

 كيف أصبحت مقتنعا بفكرة تصوير فيلم باستخدام كاميرا هاتف ذكي؟

أحب دفع التكنولوجيا إلى أقصى درجاتها، و قد جاء قرار تصوير هذا الفيلم بواسطة iPhone 6 راجعا إلى أننا استخدمناه سابقا في تصوير فيلم ‘Dancers of NYC’ و كانت النتيجة رائعة في تصوير مشاهد سريعة و مقبولة إلى حد كبير مقارنة مع الكاميرات الإحترافية التي أملكها.
سبب آخر و هو نوعية الأفلام المُصورة، حيث وجدت ببساطة أنه ليس من الضروري أن نستعمل معدات كبيرة و كاميرات مختلفة الأحجام في تصوير هذا النوع من الأفلام، و أن كاميرا iPhone 6 تعتبر الأفضل حاليا في السوق –حسب معاييرنا على الأقل- و هذا ما جعلنا مقتنعين بالفكرة.
القصة تبقى قصة سواء أكانت مصورة بدقة 1080 بيكسل أو دقة 4k، و هاتف iPhone 6 كان كافيا لتلبية حاجتنا وهدفنا في تصوير مشاهد من منظور الشخص الأول في ظروف إضاءة طبيعية و ضعيفة على حد سواء، بالإضافة إلى مجموعة من الخصائص التي تتميز بها الكاميرا في هذا الهاتف مثل ضبط مستويات الضوء التي غالبا ما تتغير حسب أوقات التصوير.

ما هي المشاكل التي واجهتها أثناء تصويرك للفيلم، و كيف تعاملت معها؟

بما أن هذا الفيلم تم تصويره بالكامل من منظور الشخص الأول، فقد حاولنا إيجاد طريقة لإضفاء شعور طبيعي بأنك ترى العالم من أعين شخصية الحبيب، و كوني مدير التصوير الذي يلعب دور الحبيب، فقد صادفت بضعة مشاكل منها عدم استطاعتي إظهار كلتا يدي، و اضطررنا لإستخدام مُساعد في حمل الكاميرا في بعض المشاهد مثل مشهد حمل المعطف و الذي أظهر فيه مستعملا كلتا يدي.
قد لا تكون هذه مشكلة جدية أكثر ما هي ‘ساخرة’ ، فالتصوير بهاتف ذكي قد تكون له سلبيات أيضا و هذا ما استنتجناه بعد نفاذ بطارية الهاتف لأكثر من مرة، و أحيانا تردني مكالمات من أمي أثناء عملية التصوير.. مواقف ساخرة بالفعل، لكن يمكن التعامل معها بسهولة بتوفير مجموعة من شاحنات البطارية اللاسلكية، و تفعيل وضع الطيران Airplane Mode لحجب المكالمات الواردة مع إيقاف الإتصال بشبكة الواي فاي أيضا.

s

العاملون على فيلم واحد قد يتجاوز عددهم العشرات، كيف تقوم بإدارة فريقك في موقع التصوير؟

الأمر قد يكون صعبا أحيانا، لكن مع تراكم المزيد من التجارب فالعملية حقا سهلة، و السر هنا يكمن في معرفة فريق عملك، معاملتهم باحترام و مساواة و جعلهم يشعرون بارتياح تجاهك.
كما أن تنظيم الوقت يساعد أيضا في وضع جدول زمني محدد حيث تتاح للجميع فرصة القيام بأمور خارجة عن إطار العمل فهذا يساعد على التخلص من الضغوط و التوتر جراء ساعات متواصلة من التصوير.

هل سنرى أفلاما أخرى منك مصورة بهاتف ذكي؟

أختار معدات التصوير بحسب نوع الفيلم و قصته، أجد أن هذه قاعدة على الجميع إتباعها، و حاليا فأنا أعمل مع مجموعة من الراقصين و الراقصات من أجل مجموعة من المشاريع القادمة و التي سنستعمل هاتف iPhone لتطبيق مجموعة من التقنيات الجديدة المبتكرة في التصوير و التي نحن متحمسون جدا لنشاركها مع الجميع، فتابعونا على تويتر للحصول على آخر التحديثات.

بحسب خبرتك، ما هي الوصفة السحرية لفيلم مميز؟

القصة و الصوت ; فالقصة الجيدة تعتبر أهم عنصر في نجاح الفيلم كما أنها فرصتك للتحدث عن أي قصة تثير إهتمامك و هذا هو جل هدف صناعة الأفلام، و لإلقاء القصة على المشاهدين تحتاج إلى صوت جيد، ما يستوجب عليك أن تستثمر في بعض من معدات تسجيل الصوت للحصول على نتيجة ممتازة خالية من أية تشويش أو أصوات قد لا ترغب بها في فيلمك.

4ماهو مصدر إلهامك ؟

المشاركة، فأنا شخص يحب مشاركة أفكاره و خبراته مع الجميع، و صناعة الأفلام هي أفضل مكان لفعل هذا ليس فقط مع الجمهور الذي يشاهد أفلامي، لكن أيضا مع فريق العمل و الممثلين الشباب، و هذا شيء جميل حقا!

كمخرج ذو أعمال ناجحة، ما هي نصائحك للشباب الذين ينوون البدء بصناعة الأفلام؟

كن مبدعا و شغوفا بما تفعله، تقبل حقيقة أن الكاميرا الخاصة بك قد لا تكون عالية الجودة
و استمتع بما تتيحه كاميرا هاتفك الذكي أو أي كاميرا أخرى تمتلكها الآن، فأحيانا الحجم الصغير يأتي بإيجابيات أكثر من الحجم الكبير.

إبدأ بتصوير أي شيء، أكان أفلام منزلية مع عائلتك أو أصدقائك، تمرن و اختبر تقنيات جديدة و في كل مرة ستجد نفسك تتعلم أشياء جديدة تجعلك ترتقي في سلم المخرجين المُبدعين.

عند سؤالي تريستان حول الكتب و الأفلام التي تلهمه أكثر من غيرها، أجاب أنه حقا لا يقرأ كتبا كثيرة أو يشاهد أفلاما بهدف الإستلهام منها، فهو يؤمن بأن الخروج و بدأ التصوير و تجربة أمور جديدة هي فعلا ما يجعلك تستلهم و تخلق لنفسك أسلوبا خاصا في صناعة الأفلام، و شخصيا أجد هذا ملهما بحق!


نشكر تريستان بوب على وقته في الإجابة على أسئلتنا و نتمنى أن تكون هذه المقابلة تَذكِرتكُم لولوج عالم صناعة الأفلام من أبوابه الواسعة.. هاتفك الذكي، و مخيلتك التي ليس لها حدود.

معاذ محسين

آخر المقالات
‎اضف رد