[مقابلة] فيلم خامسة و مزج الثقافة المحلية في السينما
يبدو أن مجال صناعة الأفلام يتجه أكثر فأكثر نحو الإعتماد الكلي على المؤثرات البصرية في خلق عوالم إفتراضية لا محدودة، و لعل أفلام الرسوم المتحركة أفضل مثال عن تطبيق مفهوم الواقع الإفتراضي في السينما، فبفضل توفر و تطور التقنيات و الأدوات الفنية الموجهة لإنتاج مثل هذه الأعمال أصبح المجال مفتوح على مصرعيه أمام كل الراغبين في إخراج أفلام الرسوم المتحركة بجودة عالية تضاهي تلك الإنتاجات المقدمة من إستوديوهات كبيرة.
الإنسان المبدع و المهتم بتطوير نفسه في المجال تراه لا يتاونى أبداً في إستغلال الأدوات و البرامج و الموارد التعليمية المتوفرة التي تساعده في إنتاج عمل مرضي، و هذا ما لمسته في فريق عمل مشروع “خامسة“، ثلاثة شبان من الجزائر أبدعوا فيلم رسوم متحركة محلي بمواصفات إحترافية من النواحي الفنية و التقنية، و كالعادة، موقع زاش لا يذخر أي جهد في الإتصال بالمبدعين من أبناء الوطن العربي للتعريف بهم و بمشاريعهم و للتعرف عليهم أكثر.
الآن أترككم مع المقابلة، أتمنى لكم مطالعة مفيدة و أتطلع لتعليقاتكم حول الموضوع.
أهلاً و سهلاً بك شفيق على موقع زاش، بدايةً دعنا نعرف كيف إجتمع فريق عمل خامسة ؟
شكراً، نحن أصدقاء و زملاء في العمل منذ مدة، تعاونا على عدة أعمال و مشاريع، هذا ما أتاح لنا في نهاية المطاف تشكيل فريق عمل خامسة KHAMSA.
ما هي خبرات أفراد الفريق و مهاراتهم ؟
يتكون فريقنا من ثلاثة أفراد جميعنا رسامين مع أكثر من عشر سنوات من الخبرة في مجال التصميم الجرافيكي والإعلان، عملنا على مشاريع مختلفة و متنوعة، هذا ما جعلنا نكتسب نوع من المعرفة الشاملة و الدراية الوافية في هذا المجال، فأفراد الفريق متمكنون من عدة تخصصات فنية، فـ زكور كمال و خالد شهاب خريجي مدرسة الفنون الجميلة في الجزائر العاصمة، أما أنا رواق شفيق عصامي.
كيف كانت لحظة ولادة فكرة المشروع ؟
جاءت فكرة المشروع بعد أن أقمنا تحدي بيننا في الفيسبوك أعطيناه وسم 3 أيام للخربشات “3Dayskharbicha#” التحدي كما هو واضح من عنوانه يدور حول رسم و تصميم أعمال عشوائية كل 3 أيام في محاولة منا لخلق حالة من التحفيز الإيجابي. ثم، على هامش هذه الفعالية أجرينا مناقشات و طرحنا إقتراحات كانت نواة فكرة فيلم KHAMSA.
لماذا فيلم رسوم متحركة ؟
في مرحلة مبكرة من تاريخ البشرية، إعتمد الإنسان البدائي على الرسوم للتعبير عن أفكاره و وصف الحوادث التي كانت تدور حوله، فإعتمادنا على هذا النوع في إخراج فيلم خامسة يعود إلى توفر إمكانات فنية و تقنية في صناعة أفلام الرسوم المتحركة تتلائم مع طبيعة الفيلم الخيالية و التي توفر علينا الكثير من الأتعاب.
ما قصة الفيلم بإختصار ؟
قصة الفيلم تدور حول صبي صغير يجد نفسه تائهاً في عالم مجهول و من دون ذاكرة أيضاُ، يلتقي بكائنات غريبة تساعده في مسعاه في مغامرة ملئية بالمخاطر و الأحداث الغريبة.
نترككم مع بعض المشاهد لفيلم خامسة:
هل واجهتم صعوبة في كتابة السيناريو ؟
أصعب أمر واجهنا أثناء كتابة السيناريو هو إضطرارنا إلى التخلي عن بعض الأفكار الجيدة لأسباب فنية.
هل يتم العمل على المشروع في استوديو أو في مكان آخر ؟
في البداية عملنا على المشروع في صالونات الشاي أو المقاهي، أي مكان كنا نستطيع نحن الثلاثة الإجتماع فيه، و لكن في مرحلة الإنتاج الفعلي سوف نستأنف العمل في مكاتب مؤسسة D-CLIK.
هل تم رصد ميزانية للفيلم ؟
قمنا بتحديد ميزانية كافية لجمع فريق جيد قادر على تقديم عمل ذو جودة عالية، هذه الميزانية تم جمعها بمجهودات شخصية بحتة، فكرنا في وقت سابق بالإستعانة بمنصات التمويل الجماهيري لكن رأينا أن نتريث و نترك هذا الخيار كحل أخير إذا لم نتمكن من رصد الميزانية اللازمة، فنحن لا نزال نتفاوض مع جهات إتصلت بنا من أجل رعاية المشروع، لذلك فإنه يمكننا القول أن الأمور تسير على المسار الصحيح.
يوحي العنوان بأن الفيلم يحمل طابع محلي و هذا ما لمسناه من خلال الترايلر، هل إعتمدتم على قصة فلوكلورية/شعبية في كتابة سيناريو الفيلم، أم أنها قصة تخيلية فقط ؟
القصة هي ثمرة مخيلتنا نحن الثلاثة، بطبيعة الحال، العامل الثقافي لعب دوراً كبيرا في صياغة قصة الفيلم بهذا الشكل لكنها ليست مقتبسة من أي قصة شعبية في المنطقة، فقط حرصنا على أن يكون المحيط الذي تدور فيه الأحداث أصلي تماماً و يعبر عن منطقة شمال إفريقيا و الصحراء الكبرى، و كذلك حرصنا على أن تحمل الشخصيات نمط محلي يتناسب مع البيئة.
هل هناك أعمال و مشاريع مماثلة على المستوى العالمي ألهمتكم للبدء في العمل ؟
بصفة عامة، عالم ألعاب الفيديو، الرسوم المتحركة و القصص المصورة، كانت هذه هي مصادر إلهامنا التي جعلتنا نبدأ بالعمل على مشروع خامسة.
الصورة أدناه توضح المصادر الإلهامية التي ساهمت في تشكيل شخصيات فيلم خامسة، إستطاع فريق العمل أن يمزج بنجاح بين تقاليد اللباس المحلية في الجزائر و بين نماذج متنوعة لشخصيات كارتونية مألوفة، لتنتج في الأخير الشخصية صاحبة القبعة المستدقة التي سوف تقوم بمغامرة في عالم مجهول يشبه كثيرا معالم الصحراء الجزائرية.
أما الصورة التالية فهي توضح التخطيطات و التصميمات الأولية لبعض مشاهد الفيلم، دائماً الطابع المحلي حاضر في التصميم، البيئة الصحراوية و لباس الطوارق التقليدي الذي تشتهر به منطقة جنوب الجزائر و شمال مالي أو ما تعرف بالصحراء الكبرى.
حتى الشعار تم إستلهامه بالكامل من حروف اللغة الأمازيغية، فعن طريق التلاعب ببعض الأحرف، تم التوصل إلى الشعار النهائي الذي يجمع ساعة رملية و علامة اللانهاية، بحيث يدل عن محتوى القصة الذي يعبر عن التيهان في عالم صحراوي لا نهاية له.
هل سبق و عملتم في مجال التصميم الجرافيكي و انتاج الرسوم المتحركة ؟
نحن نعمل بشكل أساسي في مجال الإعلان و الدعاية، ساهمنا مع مؤنس خمار في تطوير الفيديو التصويري لآخر مقطوعة موسيقية للراحلة الفنانة وردة الجزائرية بعنوان “الأيام”. الزميل خالد قام بتنفيذ سلسلة رسوم متحركة بعنوان “el MiKY” الذي تم عرضه في الحصة التلفزيونية الترفيهية EL-FHAMA، و فيلم الرسوم المتحركة القصير “Lyrique” الحاصل على جائزة إختيار الجمهور في المهرجان الدولي لأفلام الرسوم المتحركة بمكناس، المغرب FICAM. و قدم كمال فيلم قصير بإستخدام تقنية إيقاف الحركة Stop Motion.
ما هي البرامج التي تستخدمونها في إنتاج أعمالكم ؟
إعتمدنا بشكل رئيسي على حزمة برامج أدوبي، لعمليات الرسم و التصميم نستخدم برنامج Photoshop و Illustrator ، لعمليات التحريك و النمذجة نستخدم برنامج Cinema 4D ، و لتحرير الفيديو نستخدم برنامج After Effects.
هل هناك أية مصادر تستحق الذكر ساعدتكم في السير قدماً في إنتاج أعمالكم ؟ (قنوات تعليمية على اليوتيوب، مدونات، كتب إلكترونية …الخ)
للأسف لا توجد مدارس أو معاهد في الجزائر تعنى بصقل و تكوين المواهب في مجال إنتاج الرسوم المتحركة، لكن لحسن الحظ الإنترنت يوفر لنا موارد غير محدودة مثل مقاطع الفيديو و تواجد العديد من مدونات المهنيين الذين يشاركون الدروس و النصائح و يقدمون المشورة.
تقريباً ما هي المدة الزمنية المستغرقة في إنتاج فيلم قصير من هذا النوع ؟
مرحلة ما قبل الإنتاج قد تستغرق عدة أشهر من البحث، يتخللها بحث عن الموارد التي نستعين بها في العمل و كذلك تطوير السيناريو، و لكن بمجرد بدء الإنتاج، كما هو الحال في مشروعنا، سوف يتطلب الفيلم فترة من 4 إلى 5 أشهر من العمل بدوام كامل.
مستقبلاً، هل هناك رغبة في إنتاج فيلم طويل أو سلسلة رسوم متحركة ؟
في الحقيقة هذا الأمر يعتبر جزء من توقعاتنا، فنحن ننظر لمشروع خامسة على أنه فرصة ممتازة لنكتسب المزيد من الخبرة و نتعرف على إمكانياتنا، و لا تزال هناك الكثير من القصص التي تصلح أن تتحول لفيلم أو سلسلة.
هناك بعض من الأعمال المحلية التي إستطاعت أن تفرض نفسها في المجال مثل مسلسل الرسوم المتحركة الإماراتي الفريج الذي يبرز خصوصية المجتمع الخليجي، هل سوف يكون هناك عمل مماثل يختص بدول شمال إفريقيا؟
نأمل ذلك إن شاء الله، و بمناسبة الحديث عن المسلسل الإماراتي نحن نتمنى أن تتواجد منصة مهنية للتبادل و التعاون الفني بين العاملين في هذا المجال في شمال أفريقيا و دول الخليج العربي.
ترايلر الفيلم يوحي لنا بأن المشروع سوف يكون واعد و نتمنى أن يصبح قصة نجاح محلية تلهم الشباب و تحركهم للعمل، هل سيكون لكم حضور في دورات تدريبية أو ندوات تهدف إلى تشجيع و تعليم الناس الهواة لإنتاج أفلام قصيرة؟
إستضفنا ورشة عمل في كلية الفنون الجميلة في الجزائر، و نأمل بعد الإنتهاء من الفيلم، أن نمنح فرصة للهواة و المهتمين بالمجال لكي يتعرفوا على ما تعلمناه طوال عملنا على مشروع KHAMSA هذا كنوع من التحفيز و التشجبع.
نشكر فريق عمل فيلم خامسة على هذه المقابلة القيمة، و نتمنى لهم النجاح في مشاريعهم، أعزائنا متابعي موقع زاش، المقابلة إنتهت، لكن نأمل أن ملايين الأفكار بدأت تومض في مخيلتكم الآن، و الأهم نتمنى أن المقابلة كانت جرعة إلهامية كافية لتجعلك تنطلق في هذا المجال و إبداع عمل ذو جودة عالية قد ينشر يوماً ما هنا كقصة نجاح.
الترايلر ملهم وملئ بالغموض والاثارة ، وكثيراً ما يفرحني نشر اعمال مبدعين عرب بهذه الجودة والشغف تمنياتي بالتوفيق للفريق