[مقابلة] اصنع الألعاب ولو في الصين!
محمد عبدالمنعم مصمم ألعاب عربي مستقل، صمم العديد من الألعاب من تمويله الشخصي، ووصلت إحدى ألعابه إلى القائمة النهائية لأكبر مهرجانات الألعاب المستقلة، في هذه المقابلة مع موقع زاش يحدثنا عن تجربته في صناعة الألعاب المستقلة، وعن ألعابه، وعن المعارض والمسابقات التي شارك بها، وعن تجربة سفره إلى الصين للعمل وتصميم الألعاب، وعن رأيه في صناعة الألعاب العربية، وغير ذلك الكثير، نتمنى لكم قراءة ممتعة ومفيدة وملهمة.
نبدأ من جديد محمد عبد المنعم، وهو لعبة “هيا مش فوضى It Is Not A Mess“، والتي شاركت بها في دورة زنقة تاكو الألعاب الرابعة هذا العام (2014) . هذه ليست مشاركة محمد عبدالمنعم الأولى في زنقات تاكو، فلعبتك “تك تك بووم Tk Tk BOOM” التي بصدد الحديث عنها اليوم ليست إلا نسخة أكبر وأكثر صقلاً من لعبة “في البالاله Fel-Palala“، اللعبة التي صممتها في زنقة تاكو العام الماضي (2013)، وحصلت وقتها على جائزة التقنية، فهل لك أن تحدثنا باختصار ما هي “زنقات تاكو“، وماذا استفاد محمد عبد المنعم منها؟
زنقات تاكو هي نوع من الأحداث العالمية ولكنها الوحيدة والفريدة من نوعها في المجتمع العربى حيث أن على المطورين العرب من جميع البلاد العربية التجمع ليومين أو ثلاثة أيام لانتاج أكبر عدد ممكن من الألعاب المبدعة، وأسمى ما فيها أنها تستهدف في الدرجة الأولى أن تكون الألعاب عربية، وهو شرط جميل جداً. حيث أنه لأول مره فى حياتي كان التحدي بالنسبة لي أن أستخدم “نصوص عربية Arabic Text” داخل لعبة، وهو شيء لم أجربه قبل ذلك لأن كل الموارد التعليمية باللغة الإنجليزية، فلذلك دوماً ما يتم التطبيق بها.
موقع “جيم تاكو GameTako” وزنقاته جميله جداً وهادفة، وأعتقد أنها من ضمن أسباب وجود أكتر من 1000 مطور عربي مستقل هذه الأيام!
– هل شاركت في Game Jams أخرى غير زنقات تاكو 2013/2014؟
شاركت فى زنقة تاكو 2012 بلعبة اسمها “حرية أو مشوية”، الناتج كان سيئاً، ولكن اللعبه كفكرة كانت جيدة. كما شاركت أيضاً في Game Jams أخرى مثل: Ludum dare وGlobal Game Jam وShanghai Game Jam، وعلى كل حال “الجيم جام” هي أفضل شيء يمكن أن يحدث فى حياة مطور ألعاب!
– هل خرجت من مشاركاتك فيها بألعاب تجاوزت مرحلة الـGame Jams وتحولت لمشاريع أكبر أو لك رغبة في العودة لها قريبا -غير لعبتك “تك تك بووم Tk Tk BOOM”- ؟
لأنه لم يكن هدفي من المسابقات الربح -سواء الجوائز أو بيع الألعاب- فلم أهتم نهائياً بتطوير أى من ألعابي في الـGame Jams السابقة، إلى أن تم نصحي من قبل العديد من الأصدقاء بتطوير لعبة “في البالاله Fel-Palala”، وتحويلها إلى لعبة أكبر بها خيار للعب الجماعي، فكانت لعبة “تك تك بووم Tk Tk BOOM”.
لكن لي لعبة قبل لعبة “تك تك بووم Tk Tk BOOM” تم إصدارها تجارياً، ودخلت في العديد من المهرجانات، حتى وصلت إلى القائمة النهائية في مهرجان Independent Games Festival (IGF) 2013 فى الصين وهو مهرجان عالمي من الدرجة الأولى.
– لابد أنك تقصد لعبتك Coated، والتي سنعود للحديث عنها، لكن هل لك أن تعرف القراء ماهو الـIndependent Games Festival؟ وكيف وصل محمد عبدالمنعم إلى هناك بلعبته Coated؟
لقد حاولت التقدم للمهرجان أكثر من مرة، ولكنني كنت دائماً أتردد وأخبر نفسي بأن “اللعبة ليست جاهزة”، ولكن في عام ٢٠١٣ كنت قد وصلت بلعبتي Coated إلى نسبة اكتمال تعادل ٨٥٪ تقريباً، وهو وقت مناسب لتقديمها هناك، وبفضل الله تم قبولها ودخولها النهائيات مع سبعة ألعاب ممتازة لمصممين آخرين.
لعلي لم أفز بجائزة، ولكنها كانت التجربة الأولى من نوعها لي، وأعتقد أن وصولي للنهائيات في أول تجربة هو شيء كافٍ لي.
– ذكرت في إجابتك على سؤال سابق أن الـGame Jams أفضل ما يمكن أن يحصل للاعب، فلماذا ترى ذلك؟ وهل لمحمد عبد المنعم أن يخلص لنا تجربته معها؟
الـGame Jams تضع المبرمج في مأزق حقيقي، أولاً الحصول على فكرة، العديد من المبرمجين يحصرون الاختيارات المتاحة قبل المسابقة بيوم أو يومين، و يبدأون فى وضع فكرة لكل سمة (Theme) ، بحيث أنه عند إعلان السمة النهائية تكون الفكرة جاهزة، لكن للأسف هذا ليس أسلوبي فأنا أفضل التفاجئ بالسمة، وابدأ في التفكير فى فكرة.
عندما يكون الشخص محدود بوقت قصير نسبياً سيبدأ فى التفكير بأعلى طاقة ممكنة، يمكنك تخيل الأمر أشبه بسيارة عالقة فى الرمال، صاحبها سيحاول جاهداً إخراجها، لكن ماذا لو هناك قطار يقترب منها؟ سيحاول بأقصى ما يمكن!
الـGame Jams دائماً سبب لتعلم شيء جديد، ومثلما قلت لك أنا شخص أسعى للتحديات والتعلم وأومن أن التعليم لا ينتهي، لذلك أحاول مع كل لعبة تحويلها إلى تحدٍ لنفسي، وفي آخر الزنقات (تاكو 2014) كان التحدي عمل لعبة ثنائية الأبعاد (2d) وتحريكها بشكل ثنائي الأبعاد كذلك، وهو شيء جديد علي ولست معتاداً عليه!
– نعود إلى لعبتك “هيا مش فوضى It is not A Mess”، نحن نرى فيها رجل يتحرش بامرأة، وآخر يعذب كلب، وأحدهم يبول في الشارع، وأخيراً سيارة تسير عكس السير، وعلى اللاعب التدخل لوقف هذه الأمور وتصحيحها، اللعبة لعبة أخلاقية بالمقام الأول، ما الذي يريده محمد عبدالمنعم من هذه اللعبة؟ وهل ترى الألعاب منبر من منابر الوعظ في المجتمع؟
كان الهدف الأساسي هو التركيز على السلوكيات الخاطئة فى مجتمعنا العربي وبالتحديد “المصري”، هذه الأشياء جميعها أشياء كانت تضايقني أثناء وجودي فى مصر، وفي الكثير من الأوقات لم أكن أستطيع التدخل لوقفها وتغييرها
استطعت فى البداية اختيار الكتير من الأفكار التي من الممكن استخدامها، ولكن لضيق الوقت حاولت التركيز على أهم السلوكيات التي تحتاج إلى علاج جذري.
فى نظري الألعاب ليست منبر للوعظ فقط ولكنها منبر لكل شىء، الألعاب للتعليم والوعظ والمتعة وتوجيه السلوك.
– ألا ترى أن أسلوبك الوعظي في لعبتك الأخيرة فج وصريح مما قد يؤثر سلباً على فنيتها والتجربة ككل؟
أنا نشأت فى بيت إسلامى متدين وفي مجتمع له عادات وتقاليد، ولكن بالرغم من ذلك نشأت على أن الحق حق والصحيح صحيح والخطأ خطأ، فإذا كانت هناك مشكلة فلابد من تصويب اهتمام الناس نحوها، وهناك أكثر من طريقة لذلك، ولكن لأني أعلم علم اليقين أني استخدم رسومات ثنائية الأبعاد وتحديداً نوع Pixel Art لتوضيح محتوى اللعبة، وفى نفس الوقت لإبراز مدى بشاعة الواقع لهذه المشاكل.
هل لك أن تتخيل فتاه ترى رجل يتبول؟ أو امرأة يتم التحرش بها؟! كلها أشياء تثير الاشمئزاز، لذلك أردت أن أبين كم هي مثيرة للاشمئزاز، ولكن في سياق كوميدي كارتوني مُبالغ ومُهذب، فعلى سبيل المثال عند اصطدام سيارتين متعاكستين يكون الضرر كسور وتحطم فى بعض أجزاء السيارات، ولكن ليس الانفجار، فالغرض كان الكوميديا، والكارتون مليء بمثل هذه الأشياء، لكننا تربينا على مشاهدة أفلام ومسلسلات الكارتون الأجنبية على الرغم من احتوائها على أشياء لا تناسب مجتمعاتنا ولكننا نتقبلها لمجرد أنها بصورة كارتونية كوميدية.
– هل هناك نية لتحويل لعبة زنقة هذا العام (2014) لشيء أكبر من لعبة Game Jam؟
فى انتظار نتيجة المسابقة لأن المسابقة تتضمن عقد نشر للعبة الفائزة، فإذا كنت سعيد الحظ بعقد النشر سأقوم بنشرها مع الناشر الداعم للمسابقة، وإذا لم أفز بالعقد، سأقوم بتطويرها وطرحها للأندرويد من حسابي الخاص.
– لننتقل إلى لعبتك Coated التي وصلت لمهرجان الألعاب المستقلة لعام 2013 (Independent Game Festival 2013)، شيء جميل أن نرى لعبة مصمم عربي تصل إلى نهائيات مهرجان IGF، اللعبة كانت لعبة ألغاز ثنائية الأبعاد ومرحة الطابع، وتعتمد ألغازها على مزج الألوان ببعضها البعض، ولكن من الأشياء الجميلة والمُلفتة للنظر فيها احتواءها على خيارات لتعديل الألوان مما يمكن المصابين بعمى الألوان من لعب اللعبة والاستمتاع بها! شيء جميل أن نرى هذا الاهتمام منك بالمصابين بعمى الألوان رغم قلتهم، ما الذي دفع محمد عبدالمنعم إلى ذلك ؟
من الظريف في تلك اللعبة أني عملت عليها لمدة تزيد 3 سنوات تقريباً، ولكن عند قرابة انتهاء اللعبة، وبعد انتهاء دورة المهرجانات، اكتشفت بالصدفة أثناء اللعب مع أصدقائي أني مصاب بعمى الألوان!
اللعبة تم إنهائها، ولا ضرورة “شخصية” من إضافة خاصية لعمى الألوان حيث أني من الممكن ببساطة الاستعانة بأحد الأصدقاء لتصحيح قيم الألوان باللعبة، ولكنني قررت أن أجعلها خاصية كاملة داخل اللعبة، ولها العديد من الخيارات حتى تكون بذرة لتوجيه المطورين إلى الاهتمام بأي نوع من أنواع الإعاقة مهما كانت نادرة، فكل شخص له حق التمتع بألعاب الفيديو مهما كانت ظروفه!
– اللعبة تُباع فقط من خلال موقع Desura فقط، ألا توجد لديك نية لتقديمها من خلال مواقع أخرى مثل Steam، وعلى الهواتف المحمولة ؟
اللعبة على Steam Greenlight حالياً، ولكنها شبه متوقفة الآن، ولكن نسبة التصويت التي حققتها جيدة جداً.
أنا لا أؤمن بنقل ألعاب المنصات (Platform) والتصويب أو أي ألعاب تحتاج إلى أيدي تحكم -تقليدية- إلى أجهزة الهواتف المحمولة عبر استخدام محاكيات التحكم بذراع تحكم وهمية على شاشة اللمس.
– هل أنت راض عن أداء اللعبة نقدياً؟ وتجارياً؟
راضٍ وغير راضٍ، فأنا راضٍ لأنى لم أقم بأى مجهودات تسويقية، ولكن المهرجانات والأحداث التي شاركت فيها اللعبة هي التي قامت بذلك المجهود، وغير راضٍ لأن تلك اللعبة هي رحلة العديد من السنوات ولم أسترد من المال المصروف عليها إلا 15%، ولكن الدرس الذي تعلمته من رحلة إكمال لعبة شخصية وإرسالها إلى المهرجانات وطرحها للبيع كانت هي نفسها أعلى شيء تعلمته.
– برأيك ما سبب فشل اللعبة النسبي تجارياً؟
هو ليس فشل، ولكنه نتيجة لعدم التصدي لمشكلة صعوبة لفت الانتباه للمصممين المستقلين الجدد وإلى عملهم، النقاد واللاعبون على اليوتيوب لا يسعون خلف الألعاب الجديدة والمطورين الغير معروفين، بينما إذا قام مطور معروف “بالعطس” فلا بد من أن يتم عمل إعادة تغريد له (Retweet) عشرات آلاف المرات! وإذا قام مطور جديد بعمل لعبة جديدة من نوعها، أو قام بابتكار تقنية خاصة به في محرك الألعاب الخاص به، فلن يعلم أحد! لفت الانتباه هو المشكلة!
– ومن وجهة نظرك ما العمل لتلافي ذلك؟ وللفت الانتباه إلى لعبتك؟
التسويق.. التسويق.. التسويق.. وبالضرورة من خلال خبير تسويق ألعاب أجنبي وليس أي خبير هو الحل الأمثل لي ولأي أحد غيري، اللعبة كانت مرشحة لمهرجان IGF، وأي لعبة تصل لتلك المكانة يكون من السهل تسويقها، وهي صفقة رابحة لأي خبير تسويق، ولكني لا أستطيع تدبر تلك التكاليف الآن.
– نعود إلى لعبة “تك تك بووم TkTk BOOM”، هل لك أن تحدثنا عن موعد صدور اللعبة؟ الأجهزة التي ستصدر عليها؟ سعرها ؟
اللعبة لم يتبقى في تطويرها إلا حوالي ٧٪ من العمل، اللعبة فعلياً على Steam Greenlight في التصويت، وفي نفس الوقت تم الموافقة عليها من قبل موقع Desura، لكنني ألغيت فكرة نشر اللعبة حالياً حيث أنني أرى أنها تستحق وضعاً أفضل من ذلك، فأنا جيد كمبرمج ومصمم لكنني لست ناشراً أو خبير تسويق.
يأتيني حالياً عروض من بعض الناشرين، وأتمنى صدورها قبل حلول عام 2015 لأنني مشغول بمشروع جديد أخطط لصدوره فى 2015 بأمر الله، ولكنني في انتظار عقد النشر المناسب حيث أنني لا أسعى إلى تغيير ماهية اللعبة، فهناك العديد من الطلبات الغير معقولة منهم، فأحدهم مثلاً أراد تحويل السوق المجاني بداخل اللعبة إلى سوق حقيقي لجني المال، وأنا ليس هدفي الربح من الألعاب المحتوية على مشتريات بداخلها أو كما تُسمى بالإنجليزية: In-App Purchases (iAP) Games.
لو كان ذلك هدفي لاستهدفت منصات الجوال، وجعلت اللعبة مجانية، اللعبة تم بنائها على الاويا (Ouya) و نظامي Windows و Mac، وهذا يعني أنها تعمل بشكل جيد على Linux وستكون مناسبة على Apple والأندرويد -حيث أن جهاز الآويا يعمل بنفس المواصفات-.
– ولماذا لا تهدف للربح من خلال الألعاب المحتوية على مشتريات بداخلها (iAP) ؟
نظام الألعاب المحتوية على مشتريات بداخلها (iAP) هو نظام جيد، ولكنني أسعى لإنتاج ألعاب من النوع الذي أحبه، فأنا لست من محبي هذا النوع وكذلك الألعاب المجانية Free-to-Play (F2P) Games، وإذا ما لعبت أياً من تلك الألعاب بحكم أنها مجانية، فأنا لا أشتري أي شيء!
قمت بتنفيذ العديد من النوعين في ألعاب للشركات التى عملت لديها، وأعلم كم هي مربحة ولكن في نفس الوقت أعلم كم هي مُخادعة!
– اللعبة هي نسخة أكبر من لعبتك “في البالاله Fel-Palala”، اللعبة التي صممتها في زنقة تاكو العام الماضي (2013) كما قلنا سابقاً، إلى أي مدى تختلف النسخة النهائية عن تلك الأولية؟
لنجعل السؤال أكثر سهولة ونقول “إلى أي مدى تتشابه اللعبتان؟”، اللعبة تختلف تماماً سواءاً في عدد المراحل، أو في نمط اللعب، أو في وجود الإنجازات (Achievements)، أو إتاحة لوائح Leaderboard، وكذلك اللعب الجماعي -4 أنماط لعب جماعي-، ووجود سوق بسيط داخل اللعبة يتم شراء منتجاته باستخدام العملة التى يتم جمعها من اللعبة -لا يوجد دفع مال حقيقي كما قلت سابقاً-، وهناك المزيد يجعل اللعبتين مختلفتين تماماً، هما متشابهتين فقط في القصة والفكرة، وكل شيء تم بنائه من الصفر ما عدا الشخصية الرئيسية حيث أني أعتز بشكلها وحركتها.
– من باب الفضول ما معنى “في البالاله”؟
“في البالاله” هي كلمة شعبية شائعة في مصر تُقال على من هو ضال التفكير، يفتقد إلى التركيز، تائه، وخلافه 🙂
– أنت مقيم حالياً في الصين للعمل، هل رغبتك في تصميم الألعاب دفعتك لذلك؟ وماذا استفاد محمد عبدالمنعم من ذلك ؟
أنا اعمل بالبرمجة منذ سنوات عديدة، ولكنني لم أكن قادراً على إيجاد فرصة عمل مناسبة لهذا المجال في الوطن العربي، لذلك كان نشاطي البرمجي يقتصرعلى تعليم بعض الأفراد، أو عمل شغل حر (Freelance) ، أو مشاريع مصيرها السجن في جهازي الشخصي، وعندما فكرت أنه لابد من العمل بهذا المجال حتى أتطور إلى مستوى أفضل، رأيت أن التواجد في بيئة برمجية وسوق ألعاب كبير هو الحل الأمثل، فتوكلت على الله ووافقت على أول عرض عمل كان بصندوق الرسائل (Inbox).
الاستفادة كانت كبيرة جداً، والحمدلله، ولا يمكنني إحصاءها جميعاً، ولكن التعلم والعمل الجماعي والتعارف على ثقافات مختلفة كانت أفضل ما وجدته.
– للسفر سبع فوائد كما يقولون، هل تنصح المصممين العرب بالسفر والعمل في الخارج أم تأسيس إستوديوهات ألعاب محلية في بلدانهم؟
تأسيس شركات عربية هو الهدف النهائي فى كل الأحوال، ولكن لابد من السفر للخارج، في مصر كنت أعمل في مجالات مختلفة، وعلى كل حال أياً كان المجال، كانت دائماً روح الفريق شبه مفقودة، لعل الأفراد يحبون بعضهم البعض ويودن بعضهم الأخر بعد العمل وفي الأعياد والمناسبات ولكن في نطاق العمل فلا يوجد أسلوب صحيح على أساس صحيح للعمل الجماعي، لابد من السفر للتعلم وإلا سيتم فتح إستوديوهات شبه فاشلة، أنا لا أقول أن السفر إلزامي، ولكنه الطريق الصحيح، هناك شركات ناجحة، وعلى ما يبدو بدون خبرة سفر للعمل فى الخارج، وعلى سبيل المثال شركة سيمافور في السعودية على حد علمي.
– ما أهم العقبات التي تواجه مصممي الألعاب المستقلين عامة والعرب خاصة من واقع تجربتك؟
أهم عقبة تواجه المطورين المستقلين هو كيفية لفت الانتباه إليهم، في القديم كانت الأدوات والتقنية هي العقبة الأساسية ولكن الأن أصبحت هي أبسط العقبات ولا تمثل أي تأخير يُذكر. العقبة الحقيقية أصبحت استطاعتك لفت الانتباه إليك، وقولك “أنا موجود” وأستطيع الإنتاج.
للأسف المطور العربي خاصة يواجه العديد والعديد من العقبات، ولا توجد عقبة بسيطة، ابتداءاً من عدم دعم المواقع والأسواق للغة العربية أو للبنوك فى بعض البلاد العربية مما يشعرنا بتجاهل شديد، تجاهل إلى صعوبة الحصول على بعض تراخيص البرامج نظراً لعدم توافر خدمات البطاقات الإئتمانية (Credit Cards) لبعض الفئات، أو نظراً لمدى غلاء تلك البرامج، وضعف التعليم واللغة الإنجليزية بصورة ملحوظة، وللأسف هي السبيل الوحيد لمتابعة التطورات والتقنيات أولاً بأول، انتهاءاً بانخفاض الروح المعنوية والشعور باليأس والاستسلام بسبب كثرة العقبات، وإذا توجه المطورون العرب الى استهداف السوق العربية، يكون الإحباط الأكبر من قبل القرصنة، وعدم وجود ثقافة شراء المنتجات الإلكترونية أو لعدم وجود حقوق الملكية والفكرية في الثقافة والقوانين العربية إلى حدٍ كافٍ يسمح بحماية الألعاب!
– ما خطوة محمد عبدالمنعم القادمة في مجال تصميم الألعاب؟
أعمل الآن على لعبة جديدة لعام 2015، ولكنني أدخلت مفهوم جديد إلى أسلوب عملي، وهو مفهوم “الراحة”، فالعمل الدائم لفترة طويلة على نفس المشروع يخلق نوع من أنواع الملل والكراهية للمشروع وللمهنة، و خصوصاً إذا كان الشخص مثلي يعمل ثمان ساعات بشركة أجنبية في النهار وثمان ساعات في المنزل في المساء.
مفهوم الراحة يعني التوقف لأسبوعين أو ثلاثة أسابيع عن المشروع الكبير وعمل مشروع صغير، هذا المشروع إما لعبة للهاتف المحمول، أو دروس تعليمية، أو المشاركة فى زنقة ألعاب، أو مقالة كبيرة لموقع Gamasutra، أو حتى تعلم شيء جديد، أو تقنية جديدة، المهم أن يكون هناك راحة كل فترة، وعموماً سنة 2015 سوف تحمل فى طياتها المزيد بأمر الله إن كان للعبد بقية في العمر.
– أين ترى نفسك بعد خمس سنوات؟
العديد من الناس يمكنهم التنبؤ بمستقبلهم بناءاً على منحنى تطورهم الحالي، و لعل تنبؤاتهم تكون فى محلها أو لا. لا يعلم الغيب إلا الله، ولعلمي الشديد ويقيني بذلك فأنا دائماً أرى ضباباً كثيفاً بيني وبين مستقبلي، ولكن كل ما أعلمه علم اليقين أني سأكون ومازلت أحب عملي، وأحب تعلم المزيد والمزيد من التقنيات، طبعاً هنالك نجاحات أطمح وأتمنى الوصول إليها، ولكنني لست متأكداً من أني سأكون على قيد الحياة أثناء نشر هذه المحادثة.
– كلمة أخيرة يريد أن يقولها محمد عبدالمنعم للقراء.
لا تخجل أبداً من أي عمل قمت به طالما أنك مقتنع به، لا تتحدث مع نفسك كم هو بدائي هذا العمل ولن يلقى القبول، فبدون تعليقات اللاعبين والناس لن تتطور أبداً، إذا كنت جديد بالمجال فابدأ بصنع ما تشاء، إذا كنت محباً لعمل الألعاب نفسها فلا تضيع وقتك فى تعلم أساسيات تصنيع محركات الألعاب، حدد الهدف بدقة، وتوكل على الله.
شهادة في علوم الحاسب الآلي أو في برمجة الألعاب هي ليست ما يسعى إليه الشركات الكبيرة أو حتى المتوسطة، كل الشركات تسعى للخبرة فقط، وحتى للعمل على ألعابك الخاصة لا تحتاج إلى شهادة، ولكنك تحتاج إلى أن تحب ما تعمل، وأن تجتهد من أجل ذلك.
هل أعجبك المحتوى؟
يمكنك أن تسجل بريدك الإلكتروني بالأسفل حتى تصلك التدوينات القادمة في المجالات التي تهمك:
[wysija_form id=”1″]
كما نأمل منك مشاركة المحتوى على الشبكات الاجتماعية المفضلة لديك.