سجن صناعة الألعاب العجيب
أول لعبة تم اكتشاف مفهوم ألعاب الفيديو من خلالها كانت في مختبر على كمبيوتر تماثلي (Analog) متصل براسم ذبذبات كهربائية (Oscilloscope) من صناعة فيزيائي نووي يدعى وليام هيجنبوثام (William Higinbotham). هيجنبوثام استطاع أن يخلق جو ترفيهي في مكان يُعتقد أنه معدوم للحياة وهو المختبر. استطاع هيجنبوثام أن يغير ذلك الاعتقاد للكثير من الناس في آواخر الخمسينات بصناعة لعبة كرة المضرب لاثنين (Tennis for Two) التي جعلت من المختبر مكاناً يصطف الناس على أبوابه (في أيام الزيارة المفتوحة بالطبع!) لتجربة لعبة هيجنبوثام. لم يكن يدرك هيجنبوثام أنه حينذاك قد صنع سجناً ربحياً عجيباً ….
صناعة الألعاب هي عبارة عن مزج الآلاف وأحياناً الملايين من الأفكار لصنع عالم يستطيع اللاعبين من التفاعل معه لقضاء وقت ممتع ولكن هل فكرت في كيفية تصميم تلك الألعاب ومن هم هؤلاء المصممين ؟
قبل أن تكمل قراءة التدوينة أنصحك عزيزي القاريء إذا تفضلت أن تتطلع على الفيلم الوثائقي Indie Game: The Movie أولاً من خلال الفيديو الآتي للاستمتاع تماماً بالقادم! [إذا أردت مشاهدة الفيلم بدون أن تعرف عنه أي تفاصيل تسبق المشاهدة فأنصحك بإكمال التدوينة بعد انتهائك من الفيلم مباشرة]
الفيلم يدخل في حياة أربعة مصممي ألعاب في إطار شخصي ليوثق عن ما بداخل أفكار هذه المجموعة وحجم الضغوطات النفسية التي عانوا منها في مرحلة التصميم والبرمجة لألعابهم المستقلة Indie Games على شبكة Xbox Live Arcade المشهورة ببيع الألعاب للاعبين جهاز Microsoft Xbox 360 حول العالم عن طريق أجهزتهم أثناء اتصالهم بالانترنت.
الدخول إلى السجن
يتحدث جون بلاو Jon Blow مصمم لعبة برايد (Braid) عن تجربته التي انتهت بصناعة أحد أعلى الألعاب تقديراً في العالم خلال 3 سنوات كاملة من التطوير في انعزال كفريق من شخص واحد فقط. برايد صنعت بعداً جديداً للألعاب المستقلة حيث ألهمت الكثير من مصممي الألعاب لتصميم ألعابهم المستقلة وهي أحد أفضل الألعاب لي شخصياً. يوصف بلاو تجربته ليقول:
“بدأ المشروع كعملية تجربة ولكن ذلك تحول سريعاً ليصبح عملية استكشاف .. هو أشبه بأن تكون على قمة منجم ذهب ولم تكن تدرك بأن عليك الحفر فتبدأ بمسح التراب بيدك لتكتشف قطع صغيرة من الذهب فتستمر في مسح كمية أكبر من التراب لتكتشف كمية أكبر من الذهب .. وأكثر جزء عملي من هذه العملية هو حمل القطع الثقيلة من الذهب وتحريكهم .. لقد كانت تجربة تصميم رهيبة”
أما فيل فيش Phil Fish مصمم لعبة فز (Fez) وأحد مؤسسي فريق Polytron فيتحدث عن أن ضغوطات العمل على لعبته التي استغرقت قرابة الست سنوات منذ أول إعلان لها حتى إصدارها أخيراً في 2012 جعلت من حياته كابوساً لا يكاد ينتهي حتى ينهي تصميم لعبته, وبالأخص عند الكثير من منتظري اللعبة الذين استمروا بشتمه والاستهزاء منه في صفحات مواقع الانترنت آملين أن ينهي صناعة لعبتهم المنتظرة. يقول فيش عند سؤاله ماذا سيفعل إذا فشل في إكمال تطوير لعبته:
“سأقتل نفسي .. سأكون ميتاً .. لأن حافزي في إكمال تطوير اللعبة تحول لأن يكون التوقف عن قتل نفسي!”
بينما يحكيان ادموند مكميلن Edmund McMillen و تومي ريفينس Tommy Refenes مصمما لعبة سوبر ميت بوي (Super Meat Boy) بأن هدفهم ببساطة في تطوير الألعاب هو التعبير عن النفس لكسب العيش وسداد الديون. يقول ريفينس في وصفه للمشروع:
“كنا متعبين جداً من العمل .. ولكن في نفس الوقت مصدر التعب ليس من الشغل بل من عدم القدرة على النوم بسبب التفكير الدائم باللعبة خلال فترة التطوير.”
ويقول مكملين قبل إتمام تصميم لعبته واصفاً الضغط الذي كان يرتابه في ظل الحاجة إلى المال مع تحديد ميكروسوفت Microsoft لتاريخ محدد للإصدار :
“وصلت لمرحلة الانهيار التام خمس مرات تقريباً في مرحلة العمل على اللعبة .. أصل لفكرة أني لا أريد أن أتابع العمل على اللعبة بعد اليوم ثم أذهب لأضع نفسي في حوض استحمام حار في بيتي حتى أن يبرد فأرجع إلى العمل مرة أخرى”
الخروج من السجن
تعابير وجوه ريفينس ومكملن عند رؤية تفاعل الجمهور على موقع اليوتيوب وهم يلعبون لعبتهم ويستمتعون بها كانت – بحسب وصف مكملين – مستحقة للجهد المبذول. يصف مكملين شعوره بالغريب عندما أُصدرت لعبة فولاوت (Fallout) التي كان ينوي شرائها في نفس فترة صدور لعبته على Xbox Live Arcade وكانت التقييمات تصب لصالح لعبته التي لم يكن يتخيل أن تحظى بهذا الكم من الإعجاب أبداً مقارنة مع فولاوت الضخمة. يقول مكملين وهو مُدمع العين في فرحته من هذا النجاح:
” أعلم أن هناك ولد سهر طوال الليل منتظراً صدور اللعبة ولم يذهب إلى المدرسة في اليوم التالي من شدة تعلقه باللعب فيها وذلك أمر اعتقد أنه تجاوز حتى تجربتي باللعب عندما كنت صغيراً بأنه ممكن أن يضع بصمة على حياة ذلك الولد ليجعله يفكر في أن هذه اللعبة صُنعت من قبل شخصين فقط ..فيقول لنفسه ممكن أن أفعل مثلهم .. إنه أمر رائع في الحقيقة .. إحساس جميل جداً”
استطاع كل من هؤلاء الأربعة (والكثير غيرهم من مصممي الألعاب) أن يصبحوا من أصحاب الملايين بعد خروجهم من سجن صناعة الألعاب الذي داموا فيه لسنوات حيث أصبحت مبيعات ألعابهم في نطاق الملايين في غضون شهور من الإصدار. يتحدث مكملين واصفاً ذلك في أثناء الساعات الأولى من صدور لعبته على شبكة Xbox Live Arcade ليقول:
” كسبت في غضون عشر ساعات من الإصدار أكثر من مجموع دخلي المالي في الست سنين السابقة”
في السجن مجدداً
– جون بلاو في سجن صناعة The Witness لعبة ألغاز جديدة ولكنها ثلاثية الأبعاد هذه المرة!
– مكملن وريفينس يعملان الآن على مشروعهم القادم.
وفي الختام أتمنى أن تكون التدوينة قد ساهمت ولو بالقليل في إشعال حماس من كان يحلم يوماً ما بالدخول في فن تصميم الألعاب من العالم العربي ليغامر بالدخول في سجن صناعة الألعاب العجيب الذي لا يخرج منه أحد حتى يحقق حلمه.
ساترككم مع فيديو انطلاق لعبة Fez الذي يُظهر عالم اللعبة الجميل المليء بالألوان الخلابة:
أعجبك المحتوى؟
شارك في قائتمنا البريدية ليصلك جديدنا في المجالات التي تهمك أولاً بأول:
[wysija_form id=”1″]
[…] ألعاب برايد Braid و فيز Fez و سوبر ميت بوي Super Meat Boy في سجن صناعة الألعاب العجيب ولكننا لم نتطرق لأهم أسباب نجاح ألعابهم. لذلك سنتحدث […]
[…] من الرتابة والتكرار، وستتحدث الوثائقيات عن “ثورة الإندي” التي بدأت في 2008، وسيكون هناك وثائقيات حول ألعاب […]
انا كان عندى تسال كيف كمبيوتر تماثلى و الكمبيوتر المعروف عندنا بالنظام الثنائى 1 و 0 لتشغيل الحاسب هذا الجزء لم افهمه
الحواسب التماثلية هي موجودة من قبل الحواسب الرقمية ولها استخدامات خاصة ولكنها تختلف عن الحواسب الرقمية المنتشرة في كل مكان اليوم. الفرق الأساسي بين الاثنين يكمن في نوعية البيانات التي يتم معالجتها من قبل هذه الحواسب. الحاسب التماثلي يعالج البيانات التماثلية (Analog) بطبيعتها المتغيرة على الدوام مثل درجة الحرارة والضغط والفولت .. إلخ. الحاسب الرقمي يعالج البيانات الثنائية (Binary) التي تتكون من 0 و 1.
الحواسب التماثلية تُستخدم غالباً لهدف النمذجة (Modeling) لمحاكاة العمليات الفيزيائية الحقيقية بهدف دراستها والبحث عن حلول لها بعمل محاكاة حسابية لنظام ميكيانيكي مثلاً في مصنع معين بهدف مراقبة تشغيله. في العادة مخرج الحاسب التماثلي (Output) يوصل بجهاز راسم الذبذبات (Oscilloscope) لمشاهدة النتائج المراد دراستها.
يمكنك الإطلاع على المزيد من المعلومات عن الحواسب التماثلية هنا
أتمنى أن تكون إجابتي المتواضعة وافية لسؤالك 🙂