ما هي قصة تطور سلسلة ألعاب سوبر ماريو (Super Mario)؟
لا بد من أنك شاهدت لعبة فيديو في يوم ما، واندهشت من تركيبها المعقد و ترتيب الأحداث، وتغير ردود الأفعال بتغير المعطيات، إضافة إلى دقة تصميم الشخصيات وإتقان تحركاتها البسيطة كتلاعب الرياح بالشعر مثلاً. ولربما قد جالت في مخيلتك الفكرة بأن هذا النوع من الفنون صعب بل وشبه مستحيل بعض الأحيان بالنسبة لك، لكن ما لم تفكر به هو أن معظم تلك الألعاب التي أذهلتنا بدأت بداية متواضعة وبسيطة جداً ومرت على مراحل تطور كثيفة على أنظمة مختلفة على مدى سنين طويلة، حتى بلغت هذا الإتقان، وخير مثال على ذلك سلسلة سوبر ماريو (Super Mario) المعروفة لدى الكبير والصغير. فما هي قصة تطور هذه السلسلة على مدى ثلاثة عقود متتالية ؟
1981-1985: من نجّار إلى سبّاك
في عام 1981، كلفت شركة نينتيندو (Nintendo) رسامها الشاب (آنذاك) شيجيرو مياموتو (Shigeru Miyamoto) أن يتولى مهمة تحويل عتاد وحدات لعبة Radar Scope على الآركيد (Arcade) – التي لم تلقى نجاحاً كبيراً في أمريكا الشمالية حيث بقيت 200 وحدة ضحية للغبار من أصل 300 – إلى لعبة آركيد جديدة لتخفيف حدة الأزمة المالية التي كانت تهدد مستقبل شركة نينتندو آنذاك. نتج عن هذه المهمة أول نجومية لشخصية ماريو (قبل أن يُعرف بماريو) في أول بطولة للعبقري الياباني وهي لعبة Donkey Kong. لم يكن ماريو يُعرف بنفس الاسم آنذاك حيث كان اسمه الرجل القفّاز (Jumpman). أراد ماياموتو من خلال لعبته أن يُجسّد العداوة الشهيرة ما بين شخصيتي الرسوم المتحركة بوباي (Popeye) وبلوتو (Pluto) بسبب زيتونة (Olive Oyl) بالرغم من عدم نجاح نينتيندو في شراء حقوق المسلسل الكرتوني Popeye. بلوتو أصبح الغوريلا كونغ وبوباي أصبح الرجل القفّاز – الشخصية المحورية في اللعبة – الذي بدوره يحاول أن ينقذ شخصية الفتاة (Lady) – المجسدة لشخصية زيتونة والتي تحولت إلى Peach لاحقاً – في كل مرحلة من اللعبة.
حققت اللعبة نجاحاً واسعاً في أمريكا الشمالية وراجت اللعبة بشكل غير مسبوق مما أدى إلى تولي ماياموتو تصميم الأجزاء اللاحقة من اللعبة – Donkey Kong Jr. و Donkey Kong 3 – من ثم العمل على مشروعه التالي .Mario Bros على الآركيد أيضاً (والذي تغير فيه اسم ومهنة الرجل القفّاز النجّار إلى ماريو السبّاك)، وصولاً إلى لعبته الأكثر نجاحاً Super Mario Bros. التي حققت ثاني أعلى مبيعات في تاريخ ألعاب الفيديو على أول منصة ألعاب منزلية من نينتندو جهاز العائلة (Nintendo Entertainment System) عام 1985.
1985-1989: انضمام لويجي (Luigi) والأميرة تودستول (Princess Toadstool) وتود (Toad) للحفل
اشتغل ماياموتو برفقة زميله Takashi Tezuka بعدها بتطوير الجزء الثالث من السلسلة: Super Mario Bros. 3، بعد انضمامه لقسم Nintendo Entertainment Analysis and Development – أكبر قسم لتطوير الألعاب في الشركة حالياً. فترة التطوير امتدت لمدة سنتين حيث تم إصدار اللعبة في عام 1988 في اليابان على جهاز العائلة أيضاً وفي عام 1990 تم إصدارها في أمريكا الشمالية. اللعبة ولأول مرة احتوت على عالم خارجي يبين فيه مناطق عالم الفطر (Mushroom World) الثمانية التي يتنقل فيها ماريو ولويجي للوصول إلى الأميرة Peach. بالإضافة إلى تقديم قوى (Power-ups) جديدة لتحسين قدرات الإخوة (سنرصد لكم تفاصيل أنواع القوى لاحقاً في التدوينة). حققت اللعبة نجاحاً أوسع من الجزء الثاني ولكن أقل من الجزء الأول الأسطوري بمبيعات تجاوزت 18 مليون نسخة حول العالم.
1989-2013: من نجاح إلى نجاح
في هذه الفترة، انتهزت نينتندو فرصتها في إطلاق إصدارات متنوعة لألعاب سوبر ماريو على منصة تلو الأخرى من سوبر نينتندو إلى Wii U. حتى ظهرت ألعاب من خارج السلسلة الأصلية، من تصميم فرق أخرى من نينتندو، ومغايرة لنوع ألعاب المنصات (Platform Games) من ألعاب رياضة إلى الألغاز إلى ألعاب تقمّص الأدوار (RPG) حتى. كل تلك الألعاب والتي تجازوت المئة عنوان حملت شخصية أو أكثر من شخصيات سلسلة سوبر ماريو كشخصية رئيسية أو فرعية.
إذا كنت تتساءل كيف لسلسة ألعاب أن تحافظ على تقدمها لثلاثة عقود متتالية دونما تراجع بل على العكس بمزيد من النجاحات، فلابد من أن تعرف أن خصائص التشويق والتفاعل وخلق الأفكار الجديدة كان سبباً في إعطاء هذا النفس الطويل لهذه السلسلة. نستعرض بالأسفل أحد هذه الخصائص وهي القوى والتحولات – متمثلةً على شخصية ماريو – التي أضفيت على ألعاب السلسلة الأصلية [دون التفرعات (Spin-offs)] في الفترة ما بين العامين 1989 و 2013 في مختلف الأجزاء والتي جعلت من السلسلة مواكبةً لكل جيل مرت عليه:
الصورة Image |
الجهاز Platform |
الوصف Description |
سنة إصدار Year of Release |
النسخة Version |
التحولات Power-up Transformations |
Game Boy |
و هي كرات تضرب الأعداء وترتد. |
1989 |
Super Mario Land |
Superball Mario ماريو قاذف الكرات النارية |
|
Super Nintendo |
يحصل على رداء يمكنّه من التحليق بعد الحصول على ريشة الرداء. |
1990/1991 |
Super Mario World |
Cape Mario ماريو صاحب الرداء |
|
= |
من نفس النسخة السابقة، حين يحصل ماريو على بالون سيتمكن من الطيران. |
= |
= |
Ballon Mario ماريو البالون |
|
Gameboy |
تصبح لقبعة ماريو أذنان عند تناول الجزرة تمكنه من القفز أعلى والهبوط بهدوء. |
1992 |
Super Mario Land 2: 6 Golden Coins |
Bunny Mario ماريو الأرنب |
|
Nintendo 64 |
تستبدل قبعة ماريو بقبعة مجنحة عند قيامه بقفزة ثلاثية للخلف Triple-Jump. |
1996 2004 |
Super Mario 64 Super Mario 64 DS |
Mario the Winged ماريو المجنّح |
|
= |
بارتدائه قبعة الإختفاء يصبح غير مرئي وقادر على اختراق الأعداء وبعض المباني الصلبة. |
= |
= |
Mario the Invisible ماريو الخفي |
|
= |
بارتدائه قبعة معدنية يتمكن من القضاء على الأعداء بمجرد لمسهم وكذلك يتمكن من المشي تحت الماء واكتشاف مناطق جديدة سرية |
= |
= |
Mario of Metal ماريو الحديدي |
|
Wii |
بتناوله فطراً أصفراً يعطيه زي نحلة ليتمكن من القفز فوق الزهور العملاقة والغيوم. |
2007 |
Super Mario Galaxy |
Bee Mario ماريو النحلة |
|
= |
بتناوله فطراً أبيضاً يتمكن من التحول إلى شخصية الشبح بو لاختراق معظم الأجسام. |
= |
= |
Boo Mario ماريو الشبح بو |
|
= |
يتحول إلى قطعة ثلج بعد تناوله زهرة الثلج. |
= |
= |
Ice Mario ماريو الثلج |
|
= |
يتحول إلى نابض عند مروره بنابض ضخم و يمكنه القفز عالياً لكن مع صعوبة التحكم به. |
= |
= |
Spring Mario ماريو النابض |
|
Nintendo DS |
يكون في قذيفة زرقاء و ينزلق على الأعداء قاضياً عليهم. |
2006 |
New Super Mario Bros |
Mario Koopa ماريو الكوبا |
|
= |
بأكله فطر التصغير يصبح ماريو مصغراً ضعيفاً لكن بإمكانه المشي على الماء والهبوط بهدوء. |
= |
= |
Mini Mario ماريو المصغّر |
|
= |
بـأكله فطر التضخيم يصبح ماريو عملاقاً يدهس كل ما يصادفه. |
= |
= |
Mega Mario ماريو المضّخم |
|
Wii |
بتناوله فطر البرغي بإمكانه بلوغ ارتفاعات شاهقة. |
2009 |
New Super Mario Bros. Wii |
Screw Mario ماريو البرغي |
|
= |
بامتلاكه زي البطريق بإمكانه التزلق على الجليد وقذف كرات الجليد على خصومه و السباحة على المياه أيضاً. |
= |
= |
Penguin Mario ماريو البطريق |
|
Wii |
بعد تناوله فطر الصخرة يتمكن ماريو من التحول إلى صخرة تدهس كل ما تصادفه في طريقها. |
2010 |
Super Mario Galaxy 2 |
Rock Mario ماريو الصخرة |
|
= |
عند حصول ماريو على حفارة بإمكانه حفر نفق في الأرض و مباغتة أعدائه. |
= |
= |
Drill Mario ماريو الحفّار |
|
= |
بتناوله زهرة الغيمة بإمكان ماريو صنع ثلاث طبقات من الغيوم لاستخدامها كمنصات مؤقتة يصعد عليها. |
= |
= |
Cloud Mario ماريو الغائم |
|
Nintendo 3DS |
عند إيجاد ماريو لهذه العلبة سيحصل على قطع نقدية تعزز رصيده لا تتوقف حتى يصطدم بأحد الأعداء. |
2011 |
Super Mario 3D Land |
Coin Box Mario ماريو علبة النقود
|
|
= |
إذا مات ماريو خمس مرات فيمكنه الحصول على ورقة تجعله في زي كلب الراكون (تانوكي باليابانية) ولا يمكن هزمه لغاية انتهاء المرحلة. |
= |
= |
Tanooki Invincible ماريو التانوكي المنيع |
|
Nintendo 3DS |
بإمكانه عند تناول زهرة الذهب أن يقذف كرات نارية ذهبية تقتل الأعداء كما تحول الآجر إلى قطع تعزز الرصيد وعند رميها على العدو تعطي قيمة أكبر من المعتاد. |
2012 |
New Super Mario Bros 2 |
Gold Mario ماريو الذهب |
|
Wii U |
عندما يتناول ماريو Super Gland أو الغدة الممتازة يصبح قادراً على الطيران. |
2012 |
New Super Mario Bros. U |
Flying Squirrel Mario ماريو السنجاب الطائر |
|
= |
عند حصول ماريو على الجرس يحصل على زي قط يمكنه من ضرب الأعداء بقبضتيه و تسلق الجدران برشاقة |
2013 |
Super Mario 3D World |
Cat Mario ماريو القط |
|
= |
بعد تناول ماريو حبتي الكرز يحصل على نسخة محاكية من ماريو و كلما تناول حبات أكثر حصل على نسخ إضافية |
= |
= |
Double Mario ماريو الثنائي |
|
= |
أُعيد طرح خاصية كرات النار التي يقذفها ماريو بعد تناول زهرة النار في هذه النسخة، مع ارتداد النيران بعد اصطدامها بالجدران |
= |
= |
Fire Mario ماريو الناري |
مياموتو يكشف عن بعض الأسرار
هنالك سؤال لا ينفك يدور بذهن أي شخص سبق وأن جرب اللعبة: كيف بدأت الفكرة أول الأمر؟
لعل الإجابة كامنة في الحوار الذي أجرته مجلة الألعاب اليابانية الشهيرة فاميتسو (Famitsu) مع شيجيرو ماياموتو. حيث صرح أن الأمر لم يكن بالضرورة حول إنشاء مفهوم جديد بل كان يتعلق بخلق بطل رياضي يتمكن اللاعب من التحكم فيه والقفز فوق الحواجز و المعيقات وقال اقتباساً
شعرنا بقوة حول كيف أننا كنا أول من طرح هذا النوع، وكان الهدف من جانبنا الحفاظ على دفعها
كما كشف عن تطوير اللعبة بعدها، حيث أوضح أن موت بطل اللعبة عند قفزه فوق السلحفاة ليس منطقياً، ومن هذا المنطلق أصبح سوبر ماريو قادراً على قتل الأعداء بالقفز فوق رؤوسهم. وعن الأخطاء الموجودة باللعبة، كالقفز فوق السلحفاة لعدد من المرات الغير منتهية، فقد أوضح أن الأخطاء لم تكن كلها حادثاً بالصدفة. وبعض الأفكار المبتكرة كانت نتيجة التغيير أثناء تطوير اللعبة، ففكرة كرات النار التي يقذفها سوبر ماريو، كانت بداية مجرد طلقات ومن ثم أصبحت كرات نارية. وفكرة صعود ماريو فوق السحب في إطار مرحلة العلاوة (Bonus stage)، كان سببُها إلغاء مرحلة من اللعبة، حيث يقوم سوبر ماريو بالقفز فوق السحب ومحاربة الأعداء.
ألعاب سوبر ماريو كمصدر إلهام
ألعاب سوبر ماريو كانت وما زالت ملهمة لصنّاع الألعاب بأفكارها المتجددة وعوالمها المتعددة، حتى أنها فتحت رواقاً جديداً لألعاب أخرى لها نفس المبدأ والنسق كلعبة القنفذ سونيك (Sonic the Hedgehog).
تم إصدار أول ألعاب السلسلة – (Sonic the Hedgehog) – سنة 1991 كجالب حظ للشركة الأمريكية-اليابانية سيجا (SEGA) ومنافس في مستوى لائق لإصدارات سوبر ماريو للشركة المنافسة نينتندو، وتمكنت اللعبة من تحقيق النجاح واكتساب شهرة واسعة، فهي مبدئياً لم تختلف عن ألعاب سوبر ماريو الذي يواجه المخاطر ويقفز متنقلاً بين الأماكن جامعاً الرصيد (Score) في نفس الوقت، ليصل في النهاية إلى مقره و يبدأ بعدها مستوى جديد بمنظور جديد وتحديات أصعب، طبعاً عامل السرعة والقفز العالي كانا جد مؤثرين في السباق نحو النجاح وهكذا أنتجت اللعبة تنافساً خلاقاً أفضى إلى تحفة أخرى من تحف ألعاب الفيديو.
وهنالك أيضاً لعبة طفل النور (Child of Light)، التي تعتمد في مبدأ لعبها على القوى الخارقة واستمداد القوة من الطبيعة، هذه اللعبة استلهمت عنصر التشارك أو التعاون بين اللاعبين في اللعب (Co-op element) من لعبة سوبر ماريو بنسخته (Super Mario Galaxy) حيث تحدث المصمم الإبداعي للمشروع Patrick Plourde بأنهم أرداو أن يجمعوا بين لاعبين مثل الأب وابنه في لعبتهم بجعل الأب مثلاً يتحكم بشخصية مساعدة تعمل على حماية الشخصية المحورية التي يلعب بها ابنه كما هو الحال في سوبر ماريو جالكسي ولكن بترابط أكبر بين الشخصية المحورية والمساعدة وليس لمجرد جمع القطع النقدية (Coins) فقط.
الفيديو بالأسفل يستعرض اللعبة:
لم يقف الأمر هنا، بل تعدى الأمر إلى اقتباس شخصية سوبر ماريو في ألعاب من عمل هاوين ومطورين مستقلين، منها على سبيل المثال النسخة المستقلة المبرمجة بلغة HTML5 والتي تحمل مصادر اللعبة الأصلية للشركة. لم يقتصر التأثر بألعاب سوبر ماريو في مجال الألعاب فقط إنما تعداه إلى مجالات أخرى. فمثلاً المصمم النيويوركي روبي ليونارد (Robby Leonard) توصل إلى طريقة جديدة ومبتكرة لموقع سيرته الذاتية بأسلوب سوبر ماريو.
وهكذا تم تطوير سلسلة ألعاب سوبر ماريو بناءاً على خبرة تراكمت مع كل لعبة من خلال أخطاء وحوادث وتغييرات وليس نتيجة قدرة خارقة أو سحر. هذه الخبرة المتراكمة جعلت من هذه السلسلة الأكثر نجاحاً في تاريخ ألعاب الفيديو بحسب موسوعة جينيس. في النهاية رأينا كيف أن الأمر بدأ بمجرد فكرة عابرة، تم الوقوف عندها وإعطائها فرصة، ثم طرحت في المعمل وركبت قطعة قطعة، وما حدث بعدها هو مجرد الاعتماد على خبرة سابقة لاكتساب خبرة جديدة. لذلك لا تستهن بأفكارك وجرب تطبيق فكرة منها لتكسب الخبرة المطلوبة للنجاح في هذا المجال، فكما يقال ” جاء ذواق، رجع زبون”
ختاماً، نترككم مع هذا الفيديو الجميل (5 دقائق تقريباً) لتطور سلسة سوبر ماريو عبر الأجيال:
هناك خطأ في الصف الخامس ثلاثة عقود وليس قرون
شكرا لانتباهك أخي
^^